02 October 2019

إلى صديقتي التي رحلت..

.
0 التعليقات




إلى صديقتي التي رحلت...

نعم كنتِ أنتِ ومازلتي صديقتي الأولى والأقرب والأهم، في مرحلة ما من عمري حين وصلت إلى مفترق طرق، لم أرى سواكِ صديقة وناصحة بحب خالص دون غرض.
مع الوقت أصبحت كل مواقف حياتي بجميع أشخاصها تتحقق بها حكمتك في الحياة، الحكمة التي حاولتي أعطائي إياها في كل فرصة تمنحها لكِ تفاصيل يومي.

مر خمسون يومًا يا أمي، ومازلت لا أستوعب رحيلك!!
كل تفاصيل الشهرين الماضيين تمر يوميًا في رأسي تصيبني بالجنون، أنظر إلى كل شيء حولي، ولكني لا أرى سوي ملامحك فقط.
أمسك هاتفي لمحادثتك فأتذكر أن هاتفك ذاته أمامي يقبع صامتًا بعد رحيلك.
تفاصيل يومي أصبحت فارغة برغم كثرتها، بلا روح دونك.
أفتقد محادثتنا المطولة في كل شيء يخطر على عقلي وقلبي، واستماعك بصدر رحب دون أن تكلي أبدًا، امتصاصك لغضبي وثورتي ، لا شيء يهون آلمي وغضبي الآن دونك يا أمي!

في ذات اليوم الذي ذهبتي فيها للمشفى في المرة الأخيرة، كان ذاته يوم عيد ميلاد طفلي الأصغر، لم يمهلني القدر وقتًا أحاول أسعادك فيه يا أمي والأحتفال بعيد ميلاده الأول في وجودك، يومها تناسينا كل شيء ماعداكِ.

منذ أقل من شهر، أتمم طفلي الأكبر عامه الخامس، كنت أعلم إنكِ تنتظري دائمًا يوم ميلاده، وتهتمي بتفاصيله، في هذا العام يا أمي طلب صغيري أن يكون الأحتفال في بيتك! لم يستوعب صغيري حينها رحيلك وتشتت عقلي كيف أخبره بشيء يرفض قلبه الأقتناع به؟!
حاولت أن أخبره إنك في الجنة تسعدي بكل ما يحلو لكِ، سألني صغيري وهل ذهب المرض عنها؟ اخبرته بنعم، فأطمن وبهدوء تفهم، وأصبح ينتظر كل يوم أن يكبر لكي يذهب إلى الجنة ويراكِ يا أمي!!

أتذكر كل هذا لأن في حال وجودك كنتِ ستتمي عامك الخمسون بعد يومين!!
لا أتخيل أن منذ سبع سنوات وقبل هذا التاريخ ببضع أسابيع، حين أخبرتك إننا أخترنا يوم زفافي في ذات يوم ميلادك بالصدفة البحتة، ولكنني وجدتها فرصة لتكون هديتي لكِ في هذا اليوم.
كانت سعادتك ناقصة، سألتكِ لماذا، أخبرتني إنكِ لن تحبي أن تكوني سبب في حزني يومًا ما حين ترحلي في تاريخي المميز هذا.
لا أعرف ياأمي هل كنتِ تشعري أن هذا اليوم سيأتي بتلك السرعة؟ أم أن القدر نقم عليّ وقرر أن يمنحني السعادة دائمًا ناقصة!
لا أعرف كيف سيمر هذا اليوم عليّ طوال السنوات الباقية من عمري، هل تغمرني السعادة لأنه من أهم وأسعد أيام حياتي؟!
أم يقتلني الحزن لأن يوم ميلادك يأتي كل عام دون تغيير وكأنه لا يستحي من رحيلك!
قلبي مشتت ياأمي بين كل شيء مستمر في الحياة كأن شيئًا لم يكن، وبين الحزن الذي يجعله أعمى وأصم وأبكم!
لا يسعني سوي أن أدعو أن يكون يوم ميلادك في الجنة اجمل من هنا..


readmore »»

12 September 2019

رسائل إلى صديقي... 5

.
1 التعليقات




إلى صديقي الذي يهتم..

أعيش حاليًا أكثر وأشد كوابيسي قسوة!
عشت طوال حياتي أخاف من فقد جدتي وأمي
وبرغم مرور العمر والمرض بهن لم اتصور تلك اللحظة أبدًا!!
حين حدث كابوسي الأول وماتت جدتي، حاولت أن أخبئ الحزن بداخلي وأجعله يتوارى مرغمًا خلف خوفي وقلقي على أمي.
مرت شهور شعرت فيها إنني لم أستطيع حتى الآن أن أعبر عن آلمي لفقد جدتي بقدر حبي لها، لم أملك الوقت والرفاهية للحزن عليها.
سرقنا مرض أمي من كل شيء في حياتنا وجعلنا نفكر كيف نجعل يومها يمر دون أن تصرخ وتبكي من الآلم.
سرقتني صفحات البحث التي كنت أحاول أن أجد حل وفهم لحالتها النادرة فيها.
سرقتني رسائل الأطباء وزيارتهم بالرغم من تأكيدهم جميعًا أنه لا يوجد أمل من شفاءها.
سرقتني زيارتنا المعتادة والمستمرة للمستشفى التي أصبحت منزل أمي الأول.
سرقني كل شيء من الحزن على جدتي ياصديقي!
والآن يتحقق أسوأ كوابيسي... لقد ماتت أمي!!!
هل يمكنك أن تخبرني الآن أين يمكنني أن أخبئ الحزن ليكف عن إلتهام قلبي؟؟!!
بالرغم من معرفتي التامة لحالتها الميئوس منها، وبالرغم من فقد جسدها للحياة بين يدي في ليلتها الأخيرة.
لكنني لم أتوقع للحظة أن تكون النهاية قريبة بهذا القدر وموجعة بهذا الآلم ياصديقي!!
تخيلت كل شيء سيحدث، ولكنني لم أتخيل أو أستعد لهذا الوجع الذي يسري بين عروقي وكل ملامح حياتي.
لم أتخيل يومًا كيف يصل الحزن للقدر الذي يجعلني لا أستطيع التنفس في وجوده.
كيف يمكن للحزن أن يقبض بيديه على جسدي ليجعلني منهكة طوال الوقت
وعلى رئتي ليجعلني أفقد الهواء لثواني لا أستطيع التحكم بها
وعلى قلبي ليجعلني لا أشعر بشيء.. أي شيء سواء الآلم!
يبدو أن الحزن حين أختبئ توحش! ومنذ أن خرج أصبح يتلذذ بألتهامي ولا أستطيع إيقافه!
بعد ان فقدت رفاهية الحزن على جدتي في سبيل أمي
أصبح الآن أمامي العمر بأكلمه لأحزن عليهن معًا!!!



readmore »»

26 June 2019

رسائل إلى صديقي.. 4

.
0 التعليقات




إلى صديقي الذي يهتم..

لقد فقدت الشغف بكل شيء ياصديقي..
لم تعد تبهرني كل تلك الأشياء التي كانت تفعل في الماضي،
لم اعد أستصيغ الأغاني التي كنت أحبها،
ولا أهتم بمشاهدة ذات الأفلام التي اعتدت أن أراها،
ولا تلفت انتباهي الشخصيات التي كانت تبهرني من قبل.. لا أهتم بكل شيء.

أصبحت الكلمات فوق شفاهي مبهمة وبطيئة تكاد ترفض الخروج،
ضحكاتي بدأت في الأنزواء وأكتفي بأبتسامة لا معنى لها،
أحاول.. وأحاول أن امارس فعل الكتابة على استحياء،
ربما تخرج كل تلك الأشياء التي تدور في دوامة داخلي وتصيبني بالدور الذي لا ينتهي.

كل ما ومن حولي أصابه المرض!
كل شيء يكافح من أجل الحياة، كل الأشياء تحرضني على البكاء والكتابة..
ولكن عيني ترفض أن تحرر كل الدموع التي تعتكف داخلها،
يدي ترفض أن تنصاع لنداء الكتابة وتكتفي الكلمات أن تدور في مدار الآلم!

روحي حبلى بالآلم ياصديقي،
حاولت اجهاضه مرات عديدة ولكنه لا يكتفي من تعذيبي واستنزافي،
ففي كل مرة وبعد أن اجهضه، يلقي ببذوره داخلي مرة اخرى،
فأدور وأدور في فلكه إلى ما لا نهاية.

حاولت أن أغير من ملامحي لأختبئ منه ربما لن يستطيع التعرف علىّ،
وحاولت أن أخلع نظارتي الطبية ربما لن أراه أنا أيضًا فيتغاضى عني!
ولكنه في كل مرة يعرفني ولا يخطئني أبدًا.


readmore »»

08 February 2019

رسائل إلى صديقي.. 3

.
1 التعليقات





إلى صديقي الذي يهتم..

هل الحزن أصبح رفاهية ياصديقي؟!!
بالرغم من كل الآلم الكامن داخل الروح، لا تمنحنا الظروف المساحة الكافية للحزن والبكاء.
منذ أن رحلت جدتي لم يمنحنا الوقت فرصة لنمارس حزننا الذي يلتهم صدر كل فرد منا
في اليوم التالي لرحيلها أضطرت أمي الخضوع لعملية جراحية ضرورية لا يمكن تأجيلها!
فقررنا أن نضع حزننا داخل خزانه الصمت، ونغلق عليه لكي ننتبه إلي صحة أمي جيدًا.
توالت أشياء كثيرة بعدها ،اختلاف حالة أمي الصحية ما بين الرعب مما هو أسوأ والآلم
حتى أن أمي حتى الآن لا تستوعب أن جدتي رحلت، وكلما فكرت إنها ستعود من المشفى تجدها، ثم تتذكر إنها لم تعد موجودة .. تبكي! فالبكاء يختبئ ليظهر حين تنتهي القدرة على الإستيعاب والتحمل.
حتى أنا.. كلما جاءت سيرة جدتي أتخيل إنها مسافرة لفترة ما كما كانت تفعل، لم أفهم حتى الآن إنها سافرت ذاك السفر الذي لا عودة منه أبدًا!
كلما حاولت دموعي الهرب، يبكي طفلي الصغير فأنتبه إليه لتلبية أحتياج ما لا يستطيع البوح به، فتتناسي دموعي طريقها.
كلما حاولت التعبير عن كم الآلم الذي يلتهمني، أنظر إلى أمي وأعيد البحث والقراءة عن حالتها، ربما يطمئنني شيء ما لم أتوصل إليه قبلًا! وأتناسي أنا دموعي بل ربما أحجبها.
أصبحت أمارس الصمت كبديل مانع للبكاء
مومنة جدًا بتلك المقولة "الموت لا يوجع الموتي، بل يوجع الأحياء"
الموت والفقد يؤلمني جدًا يا صديقي، ولا أستطيع البوح..



readmore »»