إلى صديقتي التي رحلت..
احاول التغاضي عن التحدث في كل شيء يخصك
ولكنني الآن أعلم كيف وحتى أخر يوم لم تستوعبي رحيل جدتي وسألتي عنها كثيرًا بعد وفاتها
لأنني وأنا في كامل صحتي وعقلي أجدني اتسأل فجأة لماذا لم اتصل بكِ حتى الآن وقد انتصف اليوم
افكر إنني حين سأهاتفك سأخبرك عن عملي الجديد وعن الناس الغريبة الذين احدثهم يوميًا في الهاتف وأنا التي أكره كثيرًا المكالمات الهاتفية.
سأخبرك عن طفلي الصغير وحركاته الشقية التي كانت ستثير ضحكاتك التي لن تتوقف حينها
كل هذا أفكر فيه وأنا لا أحمل علة ما
كيف لم أستوعب أن تحاولي مهاتفة جدتي بعد أن توفت وسؤالك عنها وأنتِ كان ذلك الخبيث يتوغل وببطء نحو مخك!!
كيف لم أستوعب أن الشعور القاتل بالفقد والوحدة الذي يتركه رحيل الأحباء يأكل العقل سواء كان هذا العقل في كامل صحته أم لا
لا أستطيع ياأمي نسيان الكثير من التفاصيل التي تقتلني
وكيف كان القدر يمنحني رسائل لأعرف أنها أيام وسترحلي
كيف منحني القدر ليالي سهرت فيها جوارك في الأستقبال حتى يرضى أي قسم في المستشفى قبولك بعد أن رفضوا لعلمهم إنها النهاية
كيف فاجئتني بكلماتك حين أفقتي إنكِ شعرتي بليلتنا التي قضناها سويًا وسعدتي بها وتتمني تكرارها ثانية دون "دوشة العيال" كما وصفتيها، وأنا التي كنت أتخيل إنكِ لم تشعري بوجودي البتة!
كيف ناديتني في صمت لاجلس أمامك لا لسبب محدد سواء أن تريني بشكل اقرب
كيف وبرغم أن الطبيبة أخبرتني أن هذه قد تكون ليلتك الاخيرة بالفعل ولكنني لم أستوعب المكالمة الهاتفية التي جاءت صباحًا تخبرني برحيلك
وكيف حين جلست جوارك أقرأ لكِ القرآن لعلمي إنها قد تكون أخر فرصة لي معكِ لم استوعب حين قيل لي البقاء لله في اليوم التالي!
كيف لم أدرك كل هذا وهو كان واضح وضوح الشمس يا أمي، كيف؟!!!؟
لقد أصبحت هشة جدًا يا صديقتي
لا أحتمل أي كلمه قد تضايقني
اتغاضي عن كل هذه الأشياء السابقة ولكن حين يظهر أمامي كلمه واحدة تذكرني بمرضك ومعاناتك وكل ما آلم بيكِ.. أبكي
أبكي كيف تحملتي كل هذا الآلم وصبرتي؟!
أبكي وكأن الوقت لم يمر أبدًا!
لماذا كنتيِ أم مثالية وتحملتي عبء كل شيء يخصنا هكذا؟!
هل كان يجدر بكِ أن تكوني قاسية حتي إذا جاء وقت رحيلك لن أشعر بالفقد والوحدة كما الآن؟!
لن أصل للأجابة أبدًا...
0 comments
Post a Comment